دروس فى العلوم

Saturday, April 3, 2010

تاريخ النظرية النسبية لأينشتين

يعتبر العام 1905م عاماً ثورياً في تاريخ العالم. فالأحداث فيه تترى وتسير سراعاً، والتاريخ يقفز، ففي هذه السنة نمت روسيا وأصبحت اليابان دولة عظمى، وكان كل شيء ينذر بوشك اندلاع الحرب العالمية الأولى.
وفي هذه السنة الحاسمة كان أينشتاين كثيرا ما يفكر في ماهية وكنه الكون، وفي نفس السنة أيضاً قام بخطوات من شأنها أن تقلب وجهة نظرنا الكونية رأساً على عقب. ففيها وضع نظرياته الثلاث، نظرية الكم والنظرية البراونية ونظريته النسبية الخاصة التي كان لها الدور الكبير في الأخذ بمسيرة العلم والعالم بأسره إلى خطوة متقدمة وقفز به إلى الأعالي.

سنعطي الآن نبذة مبسطة عن النظرية النسبية الخاصة ونتناول مفاهيمها وما تنص عليه من فرضيات ولكن قبل أن نقوم بذلك سنورد أولاً بعض الأمثلة التي قد تساعد على تقريب المفهوم النسبي.



يمين أم يسار؟

أنظر إلى الشكل المقابل إلى أي جهة من الطريق يقع المنزل إلى اليمين أم إلى اليسار؟
لأول وهلة تبدو الإجابة محيرة ومستحيلة! ولكن إذا نظرت إلى الشخص ( أ ) يبدو المنزل على يمين الطريق، وبالنسبة للشخص (ب) فإن المنزل يقع على يسار الطريق.


فوق أم تحت؟

كثيراً ما نستخدم الكلمات فوق و تحت والتي اختلف مفهومها مع مرور الزمن وتطور العلم. ففي الحقبة التاريخية التي كان يعتقد فيها بأن الأرض مسطحة كان الاتجاه الرأسي فوق هو نفسه عند كل النقاط على سطح الأرض، أي أن هناك اتجاه علوي (فوق) مطلق واتجاه سفلي مطلق، ولكن بعد ثبوت فكرة كروية الأرض أصبح مفهوم الاتجاه العلوي (فوق) والاتجاه السفلي (تحت) يختلف من مكان إلى أخر من سطح الأرض. فالاتجاه الرأسي للشخص المقيم في نصف الكرة الشمالي يعاكس تماماً الاتجاه الرأسي للشخص المناظر له في نصف الكرة الجنوبي. بهذا اختل مفهوم الفوق المطلق والتحت المطلق فليس هناك اتجاه رأسي وحيد في الكون بل هو يختلف من مكان لآخر، ولكي نتحدث عن الاتجاه الصحيح يجب الأخذ في الاعتبار المكان الذي ينسب إليه هذا الاتجاه.


ليل أم نهار؟

الساعة الآن العاشرة مساء…كلمة ليس لها معنى ولا مفهوم بدون أن نحدد إذا كانت العاشرة مساءً في مكة أم في طوكيو، فالليل في مكة يوافقه النهار في طوكيو والعكس صحيح فليس هناك ليل مطلق أو نهار مطلق بل هو زمن نسبي يختلف من مكان لآخر على سطح الأرض.

وجميع الحالات التي تناقشها الأمثلة السابقة تعد صحيحة، أي أن المنزل في المثال الأول يقع مرة على يمين الطريق ومرة على يساره وهذا صحيح. الاتجاه الرأسي متعاكس تماماً في المثال الثاني بالنسبة لشخص في شمال الكرة الأرضية والآخر في جنوبها وكلا الاتجاهين صحيحاً. الشخص الذي في طوكيو يرى أن الوقت لديه نهاراً والآخر في مكة مصر وبشدة على أن الوقت لديه ليلاً في نفس اللحظة، وهذا الاختلاف في قياس الزمن أو تحديد الاتجاهات لا يعود إلى الخطأ في القياسات بين الشخصين أو الخلل في آلات الرصد المستخدمة، فكل منهما صحيح ولكن بالنسبة له أي أن جميع الظواهر يكون فيها المرجع هو الشخص أو الجهاز الراصد وليس هناك مرجع كوني مميز وثابت ولهذا أطلق عليها النظرية النسبية.

وهناك الكثير من الأمور المسلم بها في حياتنا والتي نعتبرها مطلقة تصبح في عالم أينشتاين نسبية…فمثلا المتر العياري طوله متراً وهذا أمر مسلم به ولكن من وجهة نظر أينشتاين والنسبية التي ترى أنه لا وجود لشيء مطلق لا طول ولا زمن ولا كتل ترى أن المتر العياري طوله متراً (100سم) بالنسبة للشخص الذي يحمله ولكنه بالنسبة لشخص آخر يتحرك بسرعة كبيرة يكون طوله 70سم أو أقل من ذلك كلما زادت سرعته. وكذلك الدقيقة(60ثانية) التي يقيسها شخص بساعته قد يقيسها آخر على أنها 100ثانية أو أكثر تبعاً للسرعة التي يتحرك بها. إن الأمر لا يقف عند هذا الحد في النظرية النسبية بل انعكس على مفهومنا للماضي والحاضر والمستقبل فمثلاً نعلم أشعة الشمس تصلنا خلال ثمانية دقائق وبهذا يكون بعد الشمس عنا هو ثمان دقائق ضوئية، وكمثال آخر فإن أقرب نجم للمجموعة الشمسية يبعد عنها أربعة سنوات ضوئية والنجوم البعيد في مجرتنا تبعد عنا آلاف السنوات الضوئية، وبما أن الضوء هو الوسيلة الوحيدة التي نعلم من خلالها حدوث حدث ما في الكون وهو أسرع وسيلة لنقل المعلومات بين النجوم والمجرات، فحدث ما على الشمس نعلم به على الأرض بعد ثمان دقائق من وقوعه. وانفجار أقرب نجم من المجموعة الشمسية يصلنا خبره بعد أربعة سنوات لأن الضوء القادم منها سيصل الأرض بعد أربعة سنوات، وكذلك النجوم التي نراها في الليل قد لا تكون موجودة الآن ولكننا نرى الضوء الذي صدر عنها منذ سنوات أو آلاف السنوات حسب بعدها عنا، ولهذا فإن انفجار نجم ما قد يكون ماضي بالنسبة لشخص في هذا الكون ويكون حاضراً لشخص آخر في مكان آخر وقد يكون مستقبلاً بالنسبة لشخص ثالث في مكان ثالث، وهذا بسبب تباطؤ الزمن حسب سرعة كل شخص بالنسبة للحدث ومكانه.

لنلقي النظر وبشكل سريع على مسيرة العلم ووضعه قبل ظهور النظرية النسبية والعجز الذي أصاب الكثير من العلماء في تفسير الظواهر ونتائج التجارب التي تحصلوا عليها.





No comments:

Post a Comment